الشمعة الثانية

في هذا الثلاثاء، تكون صحيفة "عين الجزائر" اليومية قد أكملت بالتمام سنتها الثانية من مشوارها الإعلامي؛ الذي على قصره، كان حفلا بأحداث عشناها و عايشناها و واكبناها، و تفاعلنا معها في تجربة لم تكن سهلة.

لم يكن الطريق أمام "عين الجزائر" مُمهدا البتة.. "عين الجزائر" رأت النور في وقت صارت فيه الصحافة المكتوبة (الورقية)، تواجه مصاعب و مطبات جمة لا تنتهي، ناجمة في أغلبها عن إفرازات المرحلة الجديدة للاتصال الرقمي، و الصحافة الالكترونية، تراجعت فيه المقروئية الكلاسيكية، وسط هيمنة متصاعدة لوسائط التواصل الاجتماعي.

و الحق يقال، أن ميلاد "عين الجزائر"، قبل سنتين، في مثل هذا الظرف كان مغامرة، بل مجازفة كبيرة مفتوحة على المجهول، لم يكن هناك تقريبا من شجعنا على خوضها.

كانت الإكراهات و المُثبطات القائمة آنذاك، أكثر إلى حدّ كبير من المحفزات. كان علينا أن نصدر يوميا على مدى أكثر من ستة أشهر بدون إشهار، أي بدون أية إيرادات مالية؛ و أن نتحمّل وضعا ماليا صعبا للغاية، مثقلا بفواتير الطباعة و الأعباء الأخرى التي يفرضها تسيير أي مؤسسة.

"عين الجزائر"، التي يُؤطرها صحفيان متمرسان من الجيل المخضرم: الدكتور اليزيد سلطان مديرا عاما مديرا للنشر، و محمد مصباح مديرا للتحرير؛ توخت منذ انطلاقتها خطا وطنيا بقدر ما يحرص على مواكبة مستجدات الأحداث، بقدر ما يحرص أيضا على مراعاة مصالح البلاد و ثوابت الأمة و القيم الأصيلة للمجتمع الجزائري في خضم انشغال يومي لا يفتر في رصد و نقل مختلف جوانب واقع المواطن و الوطن؛ حتى تكون هذه الصحيفة الفتية في مستوى شعارها "عين على الوطن و المواطن"، مع إيلاء أهمية خاصة للإعلام الجواري.

إن "عين الجزائر"، رغم أنها يومية وطنية، ذات طابع شامل، إلا أنها تسعى إلى جعل التغطية الإعلامية الجهوية و المحلية في صدارة اهتماماتها و أولوياتها.

و بالرغم من ضحالة الإمكانات المادية، و قلة صُحفييها و تقنييها، فقد حرصت"عين الجزائر" على إثراء موقعها الالكتروني، و صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، حتى لا تكون على هامش التكنولوجيا، و حتى تكون بالتالي أقدر على أداء رسالتها في تبليغ المعلومة.

و نحن في مستهل السنة الجديدة 2023، يحدونا أمل كبير في غدٍ أفضل تتطهر فيه الساحة الإعلامية من الدخلاء و المتطفلين الذين أساؤوا أيّما إساءة لمهنة نبيلة، لم يكن يعنيهم منها، في حقيقة الأمر إلا ما يضعونه في جيوبهم.

أملنا كبير في القوانين و التدابير الجديدة، التي ستعيد تنظيم كل ما يتصل بمهنة المتاعب، بهدف إعادة الاعتبار للصحفي، بما يشجعه و يحفزه على الاضطلاع برسالته، و حتى لا تكون الصحافة مهنة من لا مهنة له.

آخر الكلام.. نطفئ هذا الثلاثاء شمعتنا الثانية لنشعل شمعتنا الثالثة، و كلنا أمل في أن تشعّ ضياءً، ينوّر الرأي العام بالمعلومة الموضوعية الصحيحة، بعيدا عن جلبة الإثارة المفتعلة، التي كثيرا ما تُفرغ المحتوى الإعلامي من صدقيته و مصداقيته، بما يضيّع في نهاية المطاف رسالة الصحافة.

 

محمد مصباح