وفاة الأكاديمي الجزائري الكبير عبد المالك مرتاض..المكتبة العربية تفقد ناقدا ولغويا مميّزا

وفاة الأكاديمي الجزائري الكبير عبد المالك مرتاض..المكتبة العربية تفقد ناقدا ولغويا مميّزا

عين الجزائر - فاجعة وصدمة تلقيناها أمس الجمعة ونحن نتلقى خبر رحيل أحد عمالقة النقد واللغة في الجزائر والوطن العربي الأستاذ الأكاديمي والباحث الكبير والناقد اللغوي عبد المالك مرتاض، ، عن عمر ناهز 88 عاما.

كم نهلنا من علمه على لسانه ومن كتبه المميزة والكثيرة ، وهو الذي أثرى المكتبة الوطنية والعربية والعالمية بكتب قيمة ونفيسة ، ونهل من علمه الكثير من الأساتذة والباحثين في الجزائر وخارجها ..عرفناه ونحن في ريعان شبابنا بمعهد الآداب والغة العربية بجامعة منتوري في نهاية الثمانينات ، كنا طلابا نتشوق حرارة للقاء به ، ثم عرفناه ونحن باحثين  في الدراسات العليا من خلال كتبه التي كنا نرجع إليها كمراجع لا يمكن تجاوزها في البحث اللغوي .

اليوم برحيله والموت حق تفقد الجزائر عملاقا من طينة مالك بن نبي ومولود قاسم ، وكاتب ياسين وغيرهم من أدباء ومفكرين كبار أنجبتهم الجزائر بلد العطاء والنماء والخير والعلم . ويعتبر الراحل، وهو من مواليد تلمسان في 1935، من أهم الباحثين الجزائريين والعرب في مجالات دراسة اللغة العربية والنقد الأدبي والفكري المتصل بها، إذ في رصيده عشرات المؤلفات التي أثرى بها المكتبة الجزائرية والعربية، منذ ستينيات القرن الماضي.

وعمل الفقيد في بداياته كمدرس للأدب العربي في مدارس ابتدائية وثانوية، ثم عين مدرسا للأدب العربي بجامعة وهران في 1970 بعد تحصله على الدكتوراه في الآداب من جامعة الجزائر ببحث في "فن المقامات في الأدب العربي"، و في 1983 عين مديرا للثقافة والإعلام بولاية وهران، كما حاز في نفس العام دكتوراه في الأدب من جامعة السوربون بباريس بفرنسا.

وأسس وترأس مرتاض عدة مجلات أكاديمية وأدبية، كما كان عضوا باتحاد الكتاب الجزائريين، وقد عين أيضا عضوا في العديد من الهيئات الاستشارية العربية على غرار الهيئة الاستشارية لمجلة "كتابات معاصرة" ببيروت بلبنان في 1988، والهيئة الاستشارية لمجلة "أصوات" بصنعاء باليمن في 1993، والهيئة الاستشارية لمؤسسة "البابطين للإبداع الشعري" بالكويت في 1997.

وحاز الفقيد في 1987 شهادة تقدير من رئيس الجمهورية، وفي 1998 عين عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى، وفي 1999 عين عضوا أيضا في المجمع الثقافي العربي بيروت بلبنان، وفي 1998 عين رئيسا للمجلس الأعلى للغة العربية، وفي 2022 رئيسا للمجلس لوطني للفنون والآداب.

كما نال أيضا عضوية العديد من المجالس واللجان على غرار المجلس العملي للمركز الوطني للأبحاث التاريخية والحركة الوطنية والمجلس العلمي لأكاديمية جامعات الغرب الجزائري واللجنة والوطنية لإصلاح التعليم العالي. وعلى المستوى العربي اشتهر خصوصا في السنوات الأخيرة بعضويته في لجنة تحكيم مسابقة "أمير الشعراء" العربية بالإمارات.

وللراحل العديد من المؤلفات الأكاديمية النقدية والفكرية في مختلف مجالات علوم اللغة على غرار "القصة في الأدب العربي القديم"، و"نهضة الأدب العربي المعاصر في الجزائر" و"فن المقامات في الأدب"، وكذا "العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى"، و"الألغاز الشعبية الجزائرية" و"الأمثال الشعبية الجزائرية".

ومن مؤلفاته أيضا "النص الأدبي من أين إلى أين"، و"الثقافة العربية في الجزائر بين التأثير والتأثر"، و"معجم موسوعي لمصطلحات الثورة الجزائرية"، بالإضافة إلى "فنون النثر الأدبي في الجزائر"، و"بنية الخطاب الشعري"، و"الأدب الجزائري القديم"، و"أدب المقاومة الوطنية" و"نظرية البلاغة"، و"نظرية القراءة".

وفي مجال الإبداع الأدبي يبرز أيضا الفقيد بالعديد من المؤلفات، على غرار القصة القصيرة "هشيم الزمن"، وروايات "عين التينة" و"صوت الكهف" و"الحفر في تجاعيد الذاكرة".

كما

أطر الفقيد مئات الطلبة في الماجستير والدكتوراه  وساهم في ظهور نقاد جزائريين كبار يتقدمهم تلميذه يوسف وغليسي الأستاذ بجامعة منتوري –قسنطينة –

وتم تكريم الراحل في 2022 من طرف وزارة الثقافة والفنون بمناسبة الذكرى ال60 للاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية.

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه وألهم ذويه الصبر والسلوان .