"النبي يتحدث" و"كلمات هاربة من زمن الرداءة" اصدارين جديدين للكاتب عادل أكتوف

عين الجزائر - يشارك الكاتب عادل أكتوف، في معرض الكتاب الدولي، بكتابين جديدين، الأول بعنوان" النبي يتحدث"، و الثاني موسوم ب"كلمات هاربة من زمن الرداءة"، وذلك بعد أن كان له قبلها عدة إصدارات في مجالات مختلفة، بين السياسية، و الدين، و الاقتصاد، و علم الاجتماع وكذا الشعر، و يشرح اكتوف في حوار له مع "عين الجزائر"، نظرته للتغيرات التي عاشها ويعيشها المجتمع، وتأثيرها على سلوكات الأفراد، وبروز ظواهر اجتماعية سلبية، ويطرح بعض المعالجات لها.    

حاورته: سناء-م

 

س-1: الباحث في خلفيتكم الفكرية، يجد أنكم مزيج بين العديد من التخصصات، فهل يمكن لنا أن نعرف كيف لكاتب أن يتمكن من تقديم مؤلفات في عدة مجالات مختلفة؟

 

أشكركم على هذه الاستضافة الكريمة، أما عن السؤال فإجابته أنه قبل الكتابة لا بد للكتاب من المطالعة الثرية والمتنوعة والمستمرة، فكثرة المطالعة تعين على جودة الكتابة. وفعل الكتابة يحتاج إلى موهبة ودربة، لكن الموهبة لا بد أن تصقل حتى تتطور.

أما الكتابة في مجالات متعددة، فهذا يعود إلى طبيعة الكاتب نفسه، وإلى مشاربه وتخصصه وقدراته واستعداداته، والقاعدة العامة أن يكون للكاتب تخصصه الذي يتقنه ويكتب فيه، فإن كانت له القدرة والنفس والهمة أن يكتب في فنون أخرى فليفعل، على شرط أن يكون له اطلاع مسبق، سواء أكان أكاديميا أو جهدا شخصيا، وإلا كانت كتابته سطحية.

 

س-2: تقدمون أفكار جديدة في معالجة بعض الظواهر الاجتماعية التي أصبحت تطغى على المجتمع اليوم، والتي منبعها سلوكيات الشباب بالخصوص، فكيف تشخصون أسباب هذه السلوكات؟ وما الذي يدفع الشباب في رأيكم إلى انتهاج هذه السلوكيات الغريبة عن مجتمعهم؟ ولماذا في رأيكم أصبح المجتمع يتقبلها؟

 

لقد تناولت في كتابي " ملاحظات جزائرية " بعض الظواهر الاجتماعية والسلوكات السلبية التي وللأسف في ازدياد مستمر، ويعود ذلك لأسباب متعددة منها تخلي الأسرة عن بعض دورها في التقويم والتهذيب، واهتمام بعض المدارس الخاصة بالجانب المالي والتجاري بدلا من التعليم والتقويم، وانحصار دور المساجد في الدور الدعوي بعيدا عن دور الإصلاح الاجتماعي، إلى جانب تقاعس الكتاب والمفكرين والمحللين والجمعيات والمنظمات بما يسمى مكونات المجتمع المدني في المساهمة في تهذيب سلوك الأجيال الصاعدة.

ولا يجب أن نغفل دور وسائط التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها وأشكالها، والتي تنازع الأسرة في تربية الطفل وتنشئته، إلى جانب تراجع مخزون القيم والتقاليد والمبادئ، لانتشار ثقافة الربح السريع واقتصاد السوق، وكذا ثقافة " تخطي راسي" أي عدم الاكتراث بما يحدث في محيطنا القريب، وهو ما يؤدي إلى غياب مفهوم المواطنة.

هذا الخليط والمزيج من الأسباب والمسببات يجعل من هذه الظواهر سلسلة متعددة الحلقات ومسألة بالغة التعقيد، ولذا فحلها يحتاج إلى وقت طويل وتظافر للجهود وفق خطط محكمة تساهم فيها مختلف أطياف المجتمع.

 

س-3: تطرقتم في العديد من المحاضرات التي نشطتموها إلى موضوع " طغيان ظاهرة التفاهة"، ففي رأيكم ماهي مسبباتها الرئيسية؟ وهل كان لوسائل التواصل الاجتماعي الدور الأكبر في انتشارها؟ وهل يمكن معالجتها في رأيكم؟

 

في الواقع، إن انتشار ظاهرة التفاهة والرداءة ليس وليد اليوم، بل كان تدريجيا وربما يعود إلى عقد السبعينات والثمانينات، مع ما عرف وقتها بالليبرالية المطلقة، والتي تعني تحويل الفرد إلى مستهلك دائم للسلع بعيدا عن حاجته إليها، وللوصول إلى ذلك يجب التأثير عليه بالإشهار المتكرر لجعل سلوكه آليا، وتغييب عقله عن طريق ألوان وأنواع من الترفيه التي يحتاج معها إلى التبسيط والتسطيح للأمور، مما يبعد به عن الفكر الناقد والمحلل لما يحيطه به، ومن هنا ينتج الفرد المستهلك، السطحي والتبسيطي. 

ومع انتشار العولمة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وصلنا إلى التفاهة، والتي هي ضد التعلم والثقافة والاطلاع، والتي تؤول إلى سلوكات أقرب إلى الطفولية واللامبالاة إلى حد السخافة والإسفاف، والأدهى من ذلك التنافس فيمن ينحدر بالمستوى أكثر وأكثر. 

ولعدم الوقوع في مظاهر التفاهة لابد من امتلاك مناعة فردية وجماعية، قائمة على منظومة قائمة على الثقافة والقيم والأخلاق والدين مع ترسيخ قيم احترام العمل والوقت وتقديم الأفضل في الحياة، لأن تضييع الساعات في تصفح المواقع ينتج لنا فردا عاطلا غير منتج وله القابلية للتأثر بكل ما هو تافه وعديم الفائدة.

 

س-4: ألفتم فيما سبق عددا من الكتب في مجالات مختلفة، واليوم أنتم بصدد إطلاق مؤلفين جديدين بمناسبة المعرض الدولي للكتاب؟ هل يمكنكم اعطاءنا لمحة عن طبيعة الكتابين الجديدين؟

 

 

سأشارك في المعرض الدولي إن شاء الله تعالى بكتابين من طبع دار خيال وهما " النبي يتحدث " و " كلمات هاربة من زمن الرداءة"، فيما يتعلق بالأول " النبي يتحدث " فهو مجموعة منتقاة من الأحاديث تبلغ 700 حديث في مجالات مختلفة على شكل سؤال وجواب، وكأننا نطرح الأسئلة في وقتنا الحالي ونتلقى الأجوبة مباشرة، وفي ذلك رد على منكري السنة والسيرة معا.

 

أما الثاني " كلمات هاربة " فهو مجموعة من الأشعار والخواطر تعليقا على أحداث مختلفة عبر عقد من الزمن، أتكلم فيها عن أحداث اجتماعية وثقافية واقتصادية وفكرية ميّزت الساحة المحلية أو الدولية في العقد الأخير شعرا ونثرا.

وستنظم دار خيال جلسة للبيع بالتوقيع للكتابين يوم الخميس 14 نوفمبر لمن يهمه الأمر.

 

س-5: هناك ميل في كتاباتكم وحتى في ندواتكم للجانب الديني، فهل هذا صدفة؟ أم أنه اختيار بعناية؟

  

الأمر ليس صدفة البتة، فقد نشأت وترعرعت وسط الدروس العلمية والحلقات التربوية وتحفيظ القرآن الكريم، وذلك منذ سن العاشرة كما تحدثت عنه في كتابي" شاهد على الثمانينات " وقد كان لهذه التنشئة أثرها الإيجابي البالغ على كتاباتي فيما بعد.

إلى جانب أنني أعتبر الفكرة الدينية كما قال مالك بن نبي هي المحرك الرئيسي لفعل التحضر والعمران، وأجزم بخطأ من يعتقدون أنه لبلوغ الحداثة لا بد من تجاوز الدين، بل العكس هو الصحيح، ومنشأ هذا الخلط من قبل المؤمنين باللادينية والعلمانية هو قياسهم للمجتمعات العربية والإسلامية بغيرها من المجتمعات الغربية التي عانت من اضطهاد الكنسية في عصور الظلام، وتخليها عن الدين في عصور النهضة والتنوير.

 

وهذا قياس مع الفارق كما يقول أهل الأصول، فمجتمعاتنا لها خصائصها وخصوصياتها، كما بينّه ابن خلدون في مقدمته ومن أتى من بعده من المفكرين، بل لما ضعفت الفكرة الدينية لدى مجتمعاتنا تعرضت للاستعمار والتبعية، وكلما قوي عنصر الدين عندها، أبدعت وساهمت في البناء الحضاري، وهذا ما أرجوه وأسعى لتحقيقه عبر كتاباتي ومساهماتي، للخروج من سباتنا