
اللواء عبد العزيز مجاهد في حوار حصري لـ 'عين الجزائر'
- الصحفي فريال رويبح وحسين بن ربيع --
- 2025-05-12 --
- 20:58:19
وحدة الصف و الرؤى و المسارات..سرّ انتصار
الجزائر
*المخزن كان ضد شعبه قبل أن يكون ضد الجزائر.. هو
من أجهض الثورة في المغرب
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المحيط
الإقليمي والدولي، تبرز أهمية قراءة المشهد السياسي من زواياه الأمنية
والاستراتيجية، خاصة بالنسبة لدولة محورية كالجزائر، التي لطالما شكّلت رقماً
صعباً في معادلات التوازن الجيوسياسي في شمال إفريقيا وحوض المتوسط والساحل
الإفريقي. وفي هذا السياق، كان لجريدة "عين الجزائر" نافذة حوارية
استثنائية مع السيد اللواء عبد العزيز مجاهد مدير العام للمعهد الوطني للدراسات
الاستراتيجية الشاملة شخصية جزائرية بارزة، عرف بمسيرته الطويلة في السلك العسكري
والأمني، و مستشارا سابقا لدى الهيئة الرئاسية، حيث نغوص معه في عمق الملفات
الخارجية الأكثر سخونة، ونتناول رؤيته حيال موقع الجزائر في المعادلات الدولية،
وتحديات الأمن الإقليمي.
حاورته: فريال رويبح
* "عين
الجزائر": في ظل حالة الاستقرار السياسي التي تنعم بها الجزائر مقارنة
بالعديد من دول الجوار، ورغم ما يميز الشعب الجزائري من تماسك ووحدة تاريخية، تبرز
أحياناً محاولات لزرع الشك وزعزعة الثقة داخل النسيج الوطني ، كيف ترون سيدي
سُبل تعزيز التلاحم الشعبي وترسيخ قيم المحبة واليقظة الوطنية، لا سيما في هذا
الظرف الدولي الدقيق الذي تستغله بعض الأطراف لبث الفتنة والتشويش على وحدة الصف
الجزائري؟
اللواء عبد العزيز مجاهد : اولاً
يجدر الإشارة ان من يزرع الفتنة يبحث عن الثغرات و الفجوات التي يستطيع ان يستغلها،
و لكن ان لم تكن هنالك أي ثغرات او فجوات فستذهب كل جهوده هباء منثورا و ستكون
"بلا فائدة" ، فأهم شيء هو الإنسان الذي يعرف نفسه المعرفة التامة
" فإذا من الحكمة ان يعرف الإنسان الآخرين ، فالإنسان الذي يعرف نفسه و ذاته
فهو ارقى درجات
الحكمة " ، فنحن الجزائريون إذا رجعنا
لتاريخنا سنجد فيه انتصارات كما سنجد فيه انحرافات و انتكاسات و فإذا بحثنا عن
اسبابها نستطيع ان نعرف ما يجب فعله اليوم ، و منه نبقي على الانتصارات و نبتعد عن
الانحرافات و الانكسارات، و نطرح التساؤل متى انتصرنا ؟ ، لنجد ان الجزائر انتصرت
دائما عندما تكون موحدة و واعية بمسؤولياتها و قائمة بواجباتها ، ففي تاريخنا نجد
محطتين مهمتين ، مقاومة يوغرطة و تكفاريناس فكلتهما دامتا سبعة سنوات و لكن
هما مثلين يجب دائما تذكرهم لخصائصهم و تذكير الناس بهم ، كما ان الجزائر استطاعت
التخلص من الاستعمار الفرنسي عبر نفس الخصائص ففي المرحلة من 1830 إلى 1947 .كان
هنالك في كل 10 سنوات انتفاضة و ثورة و من هنا نتساءل لماذا لم تنجح ؟ ،
لنجد ان انتفاضاتهم كانت منعزلة مرة في الشرق و مرة الغرب و مرة في الشمال و مرة
في الجنوب" ليست موحدة "، فصدمة التي خلفتها مجازر الثامن من ماي 1945 أيقظت
الشعب الجزائري و دفعتهم لتحليل ما هي أسباب عدم نجاح الثورات السابقة من 1830
/1947 لمدة 114 سنة ، ليجدوا ان الخلل هو التفرقة و عدم الوحدة فماذا فعلوا
استخلصوا أكبر درّس عرفه الشعب الجزائري دفعهم لخلق منظمة خاصة تميزت بتوحيد الرؤى
و المسارات و ليس فقط الصفوف و هذا لتحضير لثورة نوفمبر 1954 و دام التحضير 7
سنوات من 1954 إلى 1962 و عليه يجب علينا دائما ان نتذكر مرجعيتنا التاريخية و
أسلافنا و اجدادنا لكي نتقصى آثارهم التي سجلت في التاريخ و منه نبرز قوة الوحدة
فهي سر الانتصار ، " وحدة الصف و الرؤى و المسارات".
*"عين الجزائر":رغم ما عُرف عن الجزائر
من مواقف مبدئية قائمة على التضامن، وحرصها الدائم على مدّ يد العون لجيرانها
وشركائها، سواء في الأزمات الاقتصادية أو التحديات الأمنية، إلا أن بعض الدول، على
غرار نظام المخزن في المغرب وفرنسا ومالي، تتبنى في أحيان كثيرة مواقف متشنجة أو
حتى عدائية تجاه الجزائر ، برأيكم سيدي ما تفسير هذا التناقض؟ وكيف يمكن للجزائر
أن تتعامل مع هذا النوع من السلوك السياسي غير المبرر، خاصة في ظل تاريخها الحافل
بالصبر والحكمة تجاه التجاوزات؟
اللواء مجاهد:السبب
ليس موجود بالجزائر فالخلل ليس لدينا بل لدى الآخرين. فإذا ما تكلمنا عن المخزن او
فرنسا او المالي فانحرافاتهم هي سبب الإشكالية الموجودة و ليست الجزائر. و
عندما أتكلم فاني اخص بالكلام المغرب و ليس المخزن فالمخزن لم نتعامل معه أبدا فهو
دائما ما كان يعمل ضد الأعمال التي نقوم بها ، فالمخزن يجب ان نذكر بالتاريخ ان
المخزن كان ضد شعبه قبل ان يكون ضد الجزائر، فهو من أجهض الثورة في المغرب ،
"ثورة الشعب المغربي " بالتعاون مع السلطات الاستعمارية الفرنسية و
الإسبانية ، فلما أعطت فرنسا الاستقلال الشكلي و صوري للمغرب في 1956 المغربة
الأحرار أكملوا معنا الثورة في 1956 و 1957 و 1958 إلى ان جاء تحالف الخونة
التابعون للمخزن مع المستعمرون الإسبان و الفرنسيون و اخمدوا الثورة في المغرب و
عليه المخزن لا نتظر منه الخير لأنه لم يقم بالخير في بلاده و في شعبه ، " لا
نتظر منه الخير أبدا أبدا " ،
فرنسا أضاعت البوصلة..
اما فيما يخص فرنسا فالجواب يكمن في حالتها
الأنية التي توضح كل شيء ضاعت منها البوصلة، و السياسة الفرنسية الحالية سببت
انحدار فرنسا في العالم من المرتبة الرابعةعالميا إلى المرتبة السابعة او
التاسعة و لا تزال في مسار الانحدار اكثر فنحن لم و لا ننتظر منها شيء .
22 دولة تتدخل في مالي..
اما بالنسبة لمالي فيجب ان ننتبه انتباهامهما جدا، و احسن مثال عن الوضع بها هو " لما ننظر للغابة لا يجب ان نترك الشجرة الأولى تخفي لنا باقي الغابة " ، فهناك 22 دولة تتدخل في منطقة المالي من بينها خمس دول أعضاء بمجلس الأمن الدولي ، أين الأمن في الساحل إذا ؟ فهل قاموا بواجباتهم ؟ ، بل عكس تماما قاموا بأشياء مخالفة لمسؤولياتهم و مهامهم التي تكمن في احلال الأمن و السلام في المنطقة ، كما ان هنالك للأسف 6 دول مسلمة تتدخل في الساحل فهل صورة الإسلام التي يقدمها الساحل صورة مشرفة ؟ و منه هذه كلنا تقودنا لنتساءل هل وضعية الساحل الحالية خلقت لإبطال مفعولية كل شخص له مصالح لم يستطع تحقيقها ، أي ان كل تدخل يعمل على منع الآخرين من تحقيق مصالحهم و منه الساحل موضوع حساس جدا و موضوع عميق يجب الإحاطة بكل جوانبه ، لكي نستطيع ان نأخذ موقف منه .
"عين الجزائر": في السياق نفسه، لاحظنا
في الفترة الأخيرة مؤشرات على مواقف غير ودّية تصدر عن الإمارات تجاه الجزائر،
سواء من خلال تصريحات إعلامية أو تحركات دبلوماسية غير منسجمة مع روح الاحترام
المتبادل التي طبعت العلاقات سابقاً ، كيف تقيّمون هذا التحول في الموقف
الإماراتي؟
نشأة الإمارات كانت بعد وقف إطلاق النار بين
الجبهة العربية و الجبهة الصهيونية
اللواء مجاهد:فيما يخص
هذا السؤال أنا لا اجيب عليه و لكن أدعو قراء و متصفحي جريدة "عين الجزائر"
ان يبحثوا متى نشأت الإمارات ، حيث ان نشأتها كانت بعد وقف إطلاق النار بين الجبهة
العربية و الجبهة الصهيونية و لكي نختصر اكثر يجب العودة و البحث اكثر في مخطط
روجرز 1970 الذي قرر وقف حرب الاستنزاف بين الجبهة العربية و الجبهة الصهيوينة و
سنكتشف أن كل ما نتج بعد ذلك فهو له دخل بمخطط كبير، حيث انه في 1975 قام المخزن
بغزو و احتلال الصحراء الغربية و كان هذا الحدث بالتوازي مع الحرب الأهلية في
لبنان و عليه السؤال المطروح لماذا تم تفجير أزمة لم تكن موجودة في المغرب العربي،
و تم تفجير أزمة كانت خامدة في لبنان؟، و النتيجة التي نراها في ما بعد ذهاب
السداد إلى القدس ، معنى ذلك ان هناك مخطط مبرمج و ممنهج به محطات عديدة، حيث في
القديم كانت بيروت عاصمة التنوير في العالم " العاصمة المالية ".. كانت
البنوك موجودة في بيروت أي ان تقريبا كل أموال العالم العربي موجودة هناك و كانت
السياحة موجودة بلبنان، حيث كان العرب يسمونها " سويسرا العرب «. الآن أين هي
بيروت ؟ أين المصاريف و البنوك ببيروت؟ و عليه هي موجودة في المكان الذي خلق لخدمة
المصلحة، علينا دائما البحث ما وراء الحدث كالجبل الجليدي المغمور بالمياه فالظاهر
لنا هو اقل من الخمس والأكثر مغمور تحت المياه .وهو نفسه ما ينطبق على ما يحدث
بالعالم علينا أن ننتبه و أحسن طريقة للانتباه هي الوعي و الإحساس بالمسؤولية و
القيام بالواجب. فالمجتمع مثل الساعة إن توقفت اي مكونة من المكونات
الميكانيكية أو الإلكترونية فيها توفقت الساعة عن العمل.
فريال رويبح وحسين بن ربيع