معركة كل الجزائريين..

 

يمثل مشروع قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، الذي عرضه يوم الثلاثاء وزير العدل حافظ الأختام، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، قفزة نوعية في مجال التشريع لمتعلق بمكافحة الفساد بمختلف أشكاله، سواء فيما تعلق بنهب المال العام، أو تبييض و غسيل الأموال؛ أو ما يتصل بذلك من تمويل التنظيمات الإرهابية و أنشطتها. و بكل تأكيد، فإن ترسانة التدابير، و الإجراءات التي تضمنها هذا المشروع، ليس من شأنها إلا أن تدعم أكثر آليات حماية الاقتصاد الوطني والمنظومة المالية والبنكية من هـذه الأشكال الخطيرة للإجرام.

و من البديهي، أن مشروع هذا النص القانوني المعدل يأتي ـ مثلما قال الوزير ـ في إطار "مواكبة التشريع الوطني للمستجدات الدولية وتكييف منظومتنا القانونية بما يتوافق مع المعاهدات والاتفاقيات التي انضمت إليها الجزائر".

كما أن هذا المشروع يصبّ في قلب المعركة، التي تواصل الجزائر خوضها بلا هوادة ضد الفساد ومحاسبة المتورطين في نهب المال العام. و قد شهدت سنة 2022  سلسلة من المحاكمات التي نظرت العدالة خلالها في ملفات فساد ثقيلة، تورط فيها مسؤولون سابقون كبار. ولطالما أكد رئيس الجمهورية ثقته في عدالة الجزائر التي تصدت لمخططات الهدم وخطابات الكراهية وحرصت على حماية الاقتصاد الوطني.

وفي سياق هذه المعركة المعلنة، فقد عرف ملف استرجاع الأموال المنهوبة حركية كبيرة تميزت بتنفيذ الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء، و وضع اليد على الكثير من الأملاك والأموال داخل الوطن.

و كان هناك تجاوب دولي لافت مع تنفيذ الإنابات القضائية، بعد اقتناع المجتمع الدولي بجدية المسعى الجزائري، و بخاصة العمل الدبلوماسي الذي يقوم به رئيس الجمهورية. و تم في هذا الشأن، تشكيل لجنة خبراء مكلفة بتسيير ملف استرداد هذه الأموال بالتنسيق مع الممثليات الدبلوماسية بالخارج.

و مكّن جهاز اليقظة الذي وضع لهذا الغرض من إحباط محاولات إخفاء وتبديد عائدات الفساد، ما سمح باسترجاع أملاك عقارية ومنقولة هامة، و إفشال بالتالي تهريب هذه الأموال إلى الخارج.

وانطلاقا من رؤية متوازنة تجمع بين محاسبة المتورطين في هذا النوع من القضايا وإبقاء مناصب الشغل في منأى عن أي خطر، تقرر بالموازاة مع مصادرة الأموال والأملاك المختلسة، إدراج كل ممتلكات المجمعات الاقتصادية الضالعة في قضايا الفساد ضمن القطاع العمومي التجاري، و ذلك حفاظا على أداة الإنتاج و ضمانا لمصالح العمال.

كما قرر الرئيس تبون، في إطار تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، استحداث هيئة للتحري في مظاهر الثراء عند الموظفين العموميين عملا بمبدأ "من أين لك هذا"..؟

آخر الكلام.. لا شك أن كل التدابير التي أقرها نص هذا المشروع، ستشهد سلاسة و نجاعة أكثر في التنفيذ إذا تمّ تسريع عملية رقمنة المعاملات النقدية في مختلف المجالات من أجل تتبع وضبط التحويلات المالية.. الحرب على الفساد تخص جميع الجزائريين، كلٌ على مستواه، و كلٌ من موقعه.

 

محمد مصباح