يوم غاب السلام..

من المفارقات أن يحيي العالم و الأمم المتحدة اليوم الدولي للسلام في وقت يتبدد فيه الأمل في السلام في كثير من الأوطان التي تمزقها الصراعات و الحروب. الكيان الصهيوني يدوس على كل قيم السلام.. يقترف أبشع جرائم التقتيل و التعذيب و التهجير ضد الفلسطينيين العُزل، الذين يتعرضون منذ قرابة العام إلى التصفية و الإبادة الجماعية ليل نهار، و على مرأى و مسمع العالم كله. فأي يوم للسلام، يتم إحياؤه في وقت يغيب فيه السلام في فلسطين و لبنان، و بلدان أخرى كثيرة تنهشها الحروب و الصراعات. إن إحياء يوم للسلام والحال هذه، يصبح أشبه بطقسٍ فلكلوري، لا يقدم و لا يؤخّر، و لا يغيّر من المشهد المأساوي شيئا.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، كان في منتهى الصراحة حينما تحدث عن الحقيقة المرّة، و هي أن السلام ـ كما قال ـ"يتعرض إلى العدوان في كل مكان، فمن غزة إلى السودان، وغيرها، نرى المدنيين في مرمى النيران، وركام المنازل المفجرة والسكان المفجوعين المروعين الذين فقدوا كل ممتلكاتهم وأحيانا كل ذويهم"

الذي يمارس العدوان و يزرع الدمار، لا تنتظر منه الجنوح إلى السلام، فهو لا يؤمن به أصلا. و كان عمار بن جامع، ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، قد وضع إصبعه على الجرح مباشرة حينما أكد على ضرورة فرض السلام على من يرفضه، و لا يؤمن به.

الأمر يحتاج من مجلس الأمن، على نحو خاص،أن يتخذ قرارات تساندها متابعة متينة وآليات مساءلة. فالمهمة الأكبر لهذا المجلس ـ مثلما لفت إلى ذلك بن جامع ـ هي صون السلام والأمن الدوليين. ولا يمكن أن يتحقق ذلك من خلال كلمات عابرة تلقى ببلاغة أمام الكاميرات، فخطورة الحالة في الشرق الأوسط تستدعي إجراءات سريعة وحاسمة. وكل شخص ينبغي أن يدرك أن المنطقة على حافة الهاوية.

ولا شك أن اللامبالاة، بل وتواطؤ أطراف كثيرة داخل المجموعة الدولية، ساعد الكيان الصهيوني، حتى الآن على الإفلات من العقاب والتنصل من الاتفاقيات السابقة وعلى الانتهاك المستمر للقانون الدولي.

آخر الكلام..الكيان الصهيوني، وسع عدوانه إلى لبنان، و كان يومي 17 و 18 من هذا الشهر وراء تفجيرات البايجر الدامية، ليؤكد لكل العالم بأنه غير معني بالسلام، و بأن عقيدة وجوده تقوم على الحرب و العدوان، و ليس على شيء آخر..

محمد مصباح