غوتيريش يُنصف إفريقيا

عين الجزائر - أحقية إفريقيا في العضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولي، مطلب قديم ـ جديد، لطالما دافعت عنه الجزائر في كثير من المناسبات داخل أروقة الأمم المتحدة، و في العديد من المحافل الدولية، التي شركت فيها. هذا المطلب، أعاده الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى الواجهة على نحو ملفت، يوم الإثنين الماضي، حينما دعا إلى ضرورة تخصيص مقعدين دائمين لإفريقيا في مجلس الأمن، مع إصلاح المؤسسات الدولية.

و قال غوتيريش، في معرض مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، بأن هناك "توافقا" في الآراء الآن، بين الدول الأعضاء، على ضرورة إصلاح مجلس الأمن، في مسألة رئيسية تتعلق بأن الإصلاح يتمثل في أن يكون هناك "عضوان دائمان في مجلس الأمن من إفريقيا".

و من غير المنطقي و من غير العدل، أن تظل الدول العظمى الخمس هي نفسها التي تحتكر المقاعد الدائمة، بما يرتبط بها من امتيازات،لاسيما فيما يتعلق بحق النقض(الفيتو).فيما تكون الدول التي تنال شرف المقاعد "الفخرية"، غير الدائمة، في موقع المتفرج لا تقدم و لا تؤخر، حينما يتعلق الأمر بالقرارات المصيرية.

حان الوقت، لكي تقوم المجموعة الدولية بمعالجة هذا الظلم المستمر والذي طال أمده، لا سيما عند تناول موضوع تخصيص المقاعد الدائمة وغير الدائمة للدول الإفريقية في مجلس الأمن الموسع، وذلك من خلال زيادة التواجد والتمثيل الإفريقي، كما هو مثبت في توافق إزولويني وإعلان سرت، اللذين اعتمدهما الاتحاد الإفريقي في 2005. و هو ما يجب أن تعكسه المفاوضات الحكومية القادمة.

إن الجزائر و تماشيا مع مبادئ وأهداف الأمم المتحدة، لاسيما مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء، تولي أهمية بالغة لمسألة الإصلاح والتمثيل العادل في مجلس الأمن، باعتبارها أحد الركائز الأساسية لعملية الإصلاح الشامل لمنظمة الأمم المتحدة.

و على هذا الأساس كانت الجزائر على الدوام من أوائل الدول التي دعت وشجعت عملية توسيع العضوية في مجلس الأمن، وتحسين أساليب وطرق عمله. و من هذا المنطلق، شاركت بشكل فعال في الاجتماعات الأولى لفريق العمل مفتوح العضوية، المعني بإصلاح مجلس الأمن.

و سبق للجزائر أن دعت إلى تصحيح الظلم التاريخي الذي تعاني منه القارة الافريقية باعتبارها الغائب الوحيد في فئة الأعضاء الدائمين والأقل تمثيلا في فئة الأعضاء غير الدائمين. كما دعت إلى إعادة فعالية مجلس الأمن وقدرته على التحرك في وجه التهديدات المتنامية للسلم والأمن الدوليين، وكذا أن يشمل الإصلاح جميع المسائل المتعلقة بأساليب عمل المجلس واستعمال حق النقض " الفيتو".إضافة إلى ضرورة أن يظهر الأعضاء الدائمين دعما صريحا والتزاما واضحا بمسار الإصلاح من خلال الاستجابة الفعلية لتطلعات إفريقيا المشروعة.

و لم يخفِ الأمين العام الأممي امتعاضه من النظام الدولي الحالي قائلا: "للمرة الأولى، كان هناك اعتراف بأننا نعيش في نظام اقتصادي ومالي تجاوزه الزمن، وغير فعال، وغير عادل".

آخر الكلام..ومن المفارقات الغريبة، أن أكثر من 40 بالمئة من قوات حفظ السلام الأممية إفريقية.ومن غير المعقول، ومن غير المنطقي بتاتا، أن تظل قارة بحجم إفريقيا بلا أي مقعد دائم داخل الهيئة الأكثر نفوذا في الأمم المتحدة.

محمد مصباح