رحل نصر الله و تبقى المقاومة..

لا يمكن أن ننكر بأن اغتيال الكيان الصهيوني للأمين العام لحزب الله وزعيمه  حسن نصر الله يوم الجمعة، يمثل ضربة قاسية جدا للمقاومة، التي قادها الشهيد، إلا أننا نؤمن أيضا بأن هذه المقاومة التي تصدت ببسالة، انطلاقا من الأراضي اللبنانية لهمجية هذا الكيان المارق المجرم، و لحرب الإبادة التي ما زال يشنها على الفلسطينيين؛ ستتمكن من تجاوز هذه المحنة، و إعادة رصّ صفوفها، و تعويض كل قادتها الذين استشهدوا في الاغتيالات الأخيرة، التي خطّط لها "الموساد"، على مدى الأشهر الأخيرة.

 

المثير للاستهجان حقا هو أن الكيان الصهيوني وجد كل الدعم الأمريكي في تنفيذ سلسلة الاغتيالات التي قام بها ضد عناصر حزب الله. فقد رحبت الولايات المتحدة على لسان رئيسها باغتيال نصر الله، و قال جو بايدن بأنه "إجراء عادل" بالنظر للعديد من ضحاياه، وقال إن بلاده تدعم تماما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الجماعات المدعومة من إيران.

 

فالولايات المتحدة، المنحازة على طول الخط مع إسرائيل، و بموافقتها على هذا الاغتيال فهي تتحمل جزء من المسؤولية في هذه الجريمة. كما أنها تتحمل أيضا المسؤولية في المجازر التي ما انفك يرتكبها الكيان المارق ضد الفلسطينيين و اللبنانيين على حد سواء.

 

المؤكد أن الشهيد البطل، حسن نصر الله الذي انضم لحزب الله اللبناني عام 1982، وترقّى بين إطاراته حتى وصوله إلى منصب أمينه العام سنة 1992، في الخامسة والثلاثين من عمره، بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي، سيظل حيا في قلوب جميع أحرار هذه الأمة. كما سيظل مصدر إلهام للمقاومة من خلال مشواره الكفاحي الحافل بالإنجازات.

فهو الذي قاد سلسلة عمليات نوعية ضد قوات الاحتلال الصهيوني، ما أجبرها على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000، وتحقيق نصر عربي مأثور تجلّى على أرض الواقع بقوة سلاح المقاومة وجأش رجالها.

و هو الذي قاد حزب الله على مدى ثلاثين عاما، وجعله قوة عسكرية إقليميا، أثبتت وجودها بانتصار حرب جويلية 2006، بعد مواجهة شرسة وغير متكافئة استمرت 34 يوما مع الاحتلال الصهيوني.

و كان وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، قد شدد اللهجة يوم الجمعة بنيويورك، حينما قال بأن ما تشهده المنطقة من تصعيد للكيان الصهيوني، لا يدع مجالا لتماطل أو تقاعس مجلس الأمن في إعلاء المسؤولية الملقاة على عاتقه، معتبر أنها مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية وإنسانية.

الحقيقة الصادمة التي لفت إليها عطاف هي أن هذا الاحتلال الصهيوني الاستيطاني يحظى بنظام خاص من اللامساءلة واللامحاسبة واللامعاقبة..

و نحن نشاطر عطاف الاعتقاد بأن الإبقاء على وضع كهذا يعني الرهان على الأسوأ، الرهان على تكريس واقع الاحتلال والتوسع بالقوة، الذي سيدفع لا محالة بالفلسطينيين وبجميع دول المنطقة نحو مصير لا يصعب البتة التنبؤ بمآلاته وتداعياته الكارثية على الجميع.

آخر الكلام .. المقاومة في فلسطين و في لبنان ليست مختزلة في قادتها أو في عناصرها الذين يتم اغتيالهم، فهي إرادة شعبية ضد الاحتلال و كل ما يرتبط به من جرائم و قهر و ظلم، لذلك فهي ستبقى و ستواصل الكفاح على الدرب الذي انتهجه نصر الله و رفاقه، و رهان الكيان بالقضاء عليها سيسقط حتما في الماء..

محمد مصباح