القارة المظلومة..

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،من الاختلالات الكبيرة التي يشهدها مجلس الأمن الدولي، والتي أصبحت تشكل عقبة كأداء تعيق عمله، وتضعه في حالة عجز، كلما تعلق الأمر بالدفاع عن السلم والحفاظ عليه.

ويرجع ذلك بالأساس إلى التمثيل غير العادل، بل و المجحف داخل هذه الهيئة الأممية، الخاضعة مباشرة لهيمنة القوى العظمى وتجاذباتها التي تتحكم فيها المصالح بالدرجة الأولى. وأمام  هذا الوضع المختل، دعا الأمين العام الأممي إلى تعزيز التمثيل الفعال لإفريقيا في مجلس الأمن من أجل ضمان "المصداقية والشرعية الكاملتين" لهذه الهيئة.   

ونبّه غوتيريش إلى أن التصدعات في مجلس الأمن الدولي أصبحت أكبر كثيرا من أن يتم تجاهلها، وبأن العالم قد تغير، لكن تكوين المجلس لم يواكب ذلك.   

وباعتبار أن إفريقيا ممثلة تمثيلا ناقصا في هياكل "الحوكمة العالمية"،فإن الصراعات والطوارئ والانقسامات الجيوسياسية لها تأثير كبير على بلدان القارة.   

و من المفارقات، التي أشار إليها غوتيرش، أن الدول الإفريقية تستضيف ما يقرب من نصف جميع عمليات حفظ السلام الأممية،و تسهم بقوات خاصة بها في النقاط الساخنة العالمية على مر السنين. كما أن أكثر من 40 بالمئة من قوات حفظ السلام الأممية إفريقية.   

و قد شاركت الجزائر ممثلة بالأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية ،لوناس مقرمان، في النقاش رفيع المستوى بمجلس، الذي جرى يوم الاثنين،  حول إشكالية تصحيح الظلم التاريخي ضد إفريقيا بفعل غياب التمثيل الفعال لها في مجلس الأمن.

 

و انتقد مقرمان، الشلل شبه التام الذي يطال مجلس الأمن الأممي وإخفاقاته المتكررة في وضع حد، أو حتى كبح، سياسات الأمر الواقع والإجراءات أحادية الجانب.

ولفت إلى أن إفريقيا عانت بشكل كبير من هذا الواقع المؤلم والمتأزم الذي يفرض نفسه خصوصا في منطقة الساحل الصحراوي، مذكرا بالمعاناة المستمرة التي يعيشها شعب إقليم الصحراء الغربية المستعمر أكثر من 50 عاما؛ وكذلك ما يعيشه الفلسطينيون من مأساة حقيقية تتفاقم يوما بعد يوم وحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 10 أشهر ليل نهار، فيما يقف مجلس الأمن عاجزاعن اتخاذ أي إجراء عملي ملزم يضع حدا لهذه الإبادة.

و كانت الجزائر قد احتضنت في شهر جوان الماضي، الاجتماع الحادي عشر لوزراء خارجية لجنة العشرة، و هو الاجتماع الذي شدد على ضرورة تصحيح الظلم التاريخي الذي تعاني منه القارة الافريقية باعتبارها الغائب الوحيد في فئة الأعضاء الدائمين والأقل تمثيلا في فئة الأعضاء غير الدائمين.وبأن يشمل الإصلاح جميع المسائل المتعلقة بأساليب عمل المجلس واستعمال " الفيتو".وأن يظهر الأعضاء الدائمين التزاما واضحا بمسار الإصلاح من خلال الاستجابة الفعلية لتطلعات إفريقيا المشروعة.

آخر الكلام.. الجزائر ستظل ملتزمة على الدوام بالموقف الإفريقي المشترك انطلاقا من موقعها كعضو غير دائم في مجلس الأمن، بالذود عن مصالح القارة وتطلعات شعوبها.

 

محمد مصباح